التعرف على الآثار والمدن الاسلامية
تطوان
|
|
اكتسبت منطقة تطوان المغربية خلال العهد الاسلامي اهمية كبرى، اذ كانت بمثابة نقطة عبور ما بين شبه الجزيرة الايبيرية والمغرب. ولم تظهر اهميتها الا في نهاية العصر الوسيط، وخاصة بعد سقوط مدينة سبة ومراكز ساحلية اخرى في ايدي الغزاة الاسبان والبرتغاليين. في سنة ۱۲۸۶ م. شيد السلطان المريني ابو يوسف يعقوب قصبة محصنة بتطوان بهدف الحد من الاخطار الخارجية. ومع بداية القرن الرابع عشر، عرفت المدينة تطوراً مهماً سرعان ما اضمحل بسبب تعرضها للنهب والتخريب من طرف الاسبان. في نهاية القرن الخامس عشر، اعاد بناءها السلطان محمد الشيخ الوطاسي بمساعدة مهاجرين اندلسيين، لتعرف مع بداية القرن السادس عشر توسعاً معمارياً كبيراً خصوصاً في جزأيها الجنوبي - الغربي «حي الرباط الاسفل» والشمالي - الشرقي «حي الرباط الاعلى» وقد استمر هذا التطور المعماري الى غاية منتصف القرن الثامن عشر مع اعادة بناء التحصينات التي اعطت للمدينة صورتها الحالية. تحتوي مدينة تطوان على عدة ازقة رئيسية تربط بين ابواب المدينة وساحاتها وبناياتها العمومية، كالفنادق والمساجد والزوايا، اضافة الى مختلف الاحياء التجارية الاخرى الخاصة بالحرف التقليدية. كما تخترق المدينة عدة ازقة ثانوية تغني النسيج الحضري للمدينة، الذي يتكون من ثلاثة احياء هي: الرباط الاعلى والرباط الاسفل وحارة البلد. هذا الاخير يعتبر اقدم احياء تطوان واحسنها صيانة، حيث تتمركز جل الورشات الخاصة بالحرف التقليدية واهم المعالم التاريخية، كقصبة سيدي المنظري والمسجد ومخازن الحبوب وبعض الدور السكنية المتميزة عمرانياً والتي يغلب عليها الطابع الهندسي المورسكي. وقد تم تسجيل تطوان تراثا انسانياً سنة .۱۹۹۸ يحيط بمدينة تطوان جدار دفاعي طوله ۵ كلم وسمكه ۲۰ر۱ متر. اما ارتفاعه فيتراوح بين ۵ و۶ امتار. وتلتصق به من الخارج عدة دعامات واجهزة دفاعية محصنة، مثل قصبة جبل درسة في الشمال وابراج باب العقلة وباب النوادر والبرج الشمالي الشرقي، وتخترق هذا الجدار من كل الجوانب سبعة ابواب. بني هذا السور على عدة مراحل ما بين القرنين ۱۵ و۱۸ م، الا انه تعرض لأعمال هدم وتخريب خلال منتصف القرن ۱۸ م، اثناء الاحداث التي شهدتها تطوان بعد وفاة المولى اسماعيل. ثم اعيد بناؤه في الفترة نفسها ابان حكم سيدي عبد الله بن المولى اسماعيل. تحتل قصبة سيدي المنظري الزاوية الشمالية الغربية للمدينة، الشيء الذي يمكن من مراقبة كل الممرات انطلاقاً من المرقاب الذي يعلو احد الابراج. وقد بنيت كل المعالم الداخلية للقصبة خلال القرن الخامس عشر اثناء فترة اعادة بناء المدينة. وهي تتكون من قلعة ومسجد جامع ودار وحمام صغير. وكانت تشكل في ما مضى مركزاً للسلطة الحاكمة وقاعدة عسكرية اضافة الى مقر للسكنى بالنسبة لمؤسسها يقع جامع القصبة بالحي الذي توجد فيه بقايا حصن سيدي المنظري وسط المدينة العتيقة. وقد بني من طرف سيدي المنظري مع نهاية القرن .۱۵ صمم هذا الجامع على شكل مربع يصل طول اضلاعه الى ۲۰ متراً. وهو لا يتوفر له صحن، ويتم الدخول اليه عبر ثلاثة ابواب، الاولى جنوبية والثانية شمالية اما الاخرى فغربية ومجاورة للصومعة. هذه الاخيرة ذات شكل مربع وهي تنتصب في الزاوية الشمالية الغربية. ويرتكز المسجد على اعمدة تعلوها اقواس مكسورة وهو مغطى بسقوف خشبية مائلة مغطاة بالقرميد. يجاور ضريح سيدي عبد القادر التابين الجزء الجنوبي لسور المدينة، وهو يقع بالقرب من حدائق مولاي رشيد. تضم هذه المعلمة قبر الشريف سيدي عبد القادر التابين الذي ينسب اليه بناء مدينة تطوان خلال الفترة الموحدية «القرن ۱۲ م». اما الجامع الكبير فيقع في حي البلد بالقرب من الملاح البالي وسط المدينة العتيقة. تم بناؤه على شكل مستطيل باذن من السلطان المولى سليمان في سنة ۱۸۰۸ م. يصل طول اضلاعه الى ۳۵ متراً من جهة الشرق و۴۵ متراً من جهة الشمال. ويتكون من قاعة عميقة للصلاة وصحن كبير مكشوف تتوسطه نافورة ماء تصب مياهها في صهريج. وتحيط بالصحن اروقة. يتم الولوج الى المسجد من طريق بابين رئيسيين وثالثة مخصصة للامام في الجهة الشمالية. وترتكز الاقواس المتجاورة والمكسورة لقاعة الصلاة على اعمدة مبينة ويعلوها سقف خشبي مائل مغطى بالقرميد. وفي الزاوية الجنوبية الغربية ترتفع المئذنة التي تعد الاعلى بالمدينة، وهي مزخرفة على الواجهات الاربع بعناصر هندسية متشابكة تتخللها زخارف زليجية تطوانية متعددة الالوان. تتوفر لمدينة تطوان ازيد من ۲۰ سقاية تمكن السكان والزائرين من التزود بالماء. وهي سقايات عمومية تم بناؤها اما من طرف السلطات او اعيان المدينة ويرتبط بها صهريج لسقاية البهائم. ومن اجمل السقايات الموجودة بالمدينة والتي تتميز بزخارفها الزليجية الجميلة، نذكر سقاية باب العقلة. وقد بنيت كما تشير الى ذلك كتابة منقوشة على افريز من الزليج في منتصف القرن ۱۸ م، من طرف القائد وعامل المدينة محمد لوكاش. لتطوان عدة منازل تقليدية وقديمة تجسد التطور العمراني الكبير والفني والزخرفي الذي شهدته هذه المدينة التي يشار اليها على انها وليدة غرناطة. من بين اجمل هذه البيوت نذكر دار اللبادي التي بنيت وسط المدينة القديمة من طرف الباشا اللبادي خلال القرن ۱۹ م. وقد تغيرت وظيفتها حالياً لتصبح قصراً للحفلات والافراح بنيت مدرسة جامع لوكش سنة ۱۶۵۸ من طرف القائد عمر لوكش، وذلك بأمر من السلطان سيدي محمد بن عبد الله، وقد كانت المدرسة تسخر لاقامة الطلبة القادمين من المناطق المجاورة لطلب العلم في مساجد المدينة وخاصة بالجامع الكبير. وهذه المؤسسة العلمية ذات شكل مستطيل طوله ۲۵ م وعرضه ۱۸ م وتنضاف اليها في الزاوية الشمالية احدى البنايات التي زيدت لاحقاً وتستعمل كادارة. بنيت المدرسة على طبقتين: فالطبقة السفلى تتكون من ۲۰ غرفة مساحاتها تتراوح بين ۳ و۶ امتار مربعة وهي مفتوحة على رواق مغطى يؤدي الى ساحة تتوسطها حديقة مساحتها اكثر من ۱۰۰ متر مربع. يرتبط اسم قلعة او حصن سيدي المنظري ببقايا سور وثلاثة ابراج ملتصقة به. هذا السور الذي يبلغ طوله ۶۵ متراً وارتفاعه ۶ امتار، مدعم من جهتيه الجنوبية والشمالية ببرجين مربعي الشكل، ويتوسطه برج آخر متعدد الاضلاع واصغر حجماً. وتتصل هذه الابراج فيما بينها بممر حراسة يتم الدخول اليه عبر درج محاذ لباب القصبة. هذا الاخير عبارة عن جهاز دفاعي ذي انعطافات، وبداخله غرفتان مربعتان مغطاتان بقبة دائرية.
|